09 Mar
09Mar

شهدت السنوات الأخيرة طفرة هائلة في تداول العملات المشفرة، مما أثار تساؤلات عديدة حول مدى توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية من جهة، ووضعها القانوني في دولة الإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى. 

وعلى الرغم من انتشار العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثريوم، لا يزال هناك نقاش محتدم بين العلماء الشرعيين والخبراء القانونيين حول شرعيتها وأمان الاستثمار فيها.

موقف الشريعة الإسلامية من العملات المشفرة

حتى الآن، لم يحسم مجلس الإفتاء في الإمارات العربية المتحدة موقفه النهائي بشأن شرعية العملات المشفرة. وصرّح أحد علماء المجلس قائلاً:"موقفنا الحالي هو التوقيف؛ لا يمكننا أن نقول إنها حلال أو حرام بشكل قاطع، ولكننا نوصي بعدم الانخراط فيها في الوقت الراهن.

"ويرجع ذلك إلى عدة أسباب رئيسية، أبرزها:

التقلب الشديد في أسعار العملات المشفرة، مما يجعلها مضاربة بحتة وليست وسيلة تبادل مستقرة.

عدم الاعتراف بها كعملة رسمية من قبل الحكومات، مما يجعلها تفتقر إلى الضمانات القانونية.

إمكانية استغلالها في أنشطة غير مشروعة مثل غسل الأموال والتمويل غير القانوني.

في المقابل، يرى بعض المؤيدين أن البيتكوين والعملات المشفرة قد تكون أكثر توافقًا مع الشريعة الإسلامية من العملات الورقية التقليدية، حيث يتم إصدار العملات النقدية التقليدية من خلال البنوك المركزية التي تعتمد على الفوائد والديون، بينما لا تخضع العملات المشفرة لنظام الفائدة (الربا) المحرّم في الإسلام.

هل العملات المشفرة حلال أم حرام؟

لا يزال السؤال عن حكم العملات المشفرة في الإسلام مطروحًا بقوة، وهناك آراء مختلفة بين العلماء والمختصين:

🔸 الرأي الأول (تحريم العملات المشفرة):

يستند إلى عدم استقرار قيمتها، ومخاطر المضاربة العالية، وإمكانية استخدامها في أنشطة غير قانونية.

🔸 الرأي الثاني (إجازة العملات المشفرة بشروط):

يرى بعض الفقهاء أنه يمكن اعتبارها حلالًا إذا تم استخدامها كوسيلة تبادل معترف بها قانونيًا، وكان التعامل بها واضحًا وشفافًا، مع الالتزام بالقوانين المنظمة لها.

🔸 الرأي الثالث (التريث وعدم الفتوى بالحلال أو الحرام حاليًا):

هذا هو موقف مجلس الإفتاء الإماراتي، حيث يرى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة والضوابط الشرعية قبل إصدار حكم قاطع بشأنها.

الموقف القانوني للعملات المشفرة في الإمارات العربية المتحدة

من الناحية القانونية، لا تزال الإمارات تتعامل بحذر مع العملات المشفرة، حيث أن استخدامها وتداولها لأغراض شخصية ليس محظورًا، ولكن في الوقت نفسه، لم يصدر البنك المركزي الإماراتي أي تشريعات واضحة تتيح الاستثمار التجاري في العملات المشفرة دون ترخيص رسمي.

📌 أبرز النقاط القانونية المتعلقة بالعملات المشفرة في الإمارات:

مسموح بتداول العملات المشفرة على المستوى الشخصي، ولكن وفق ضوابط محددة.

غياب التشريعات الصارمة لا يعني أنه يمكن لأي جهة تقديم خدمات تداول دون ترخيص رسمي.

الحصول على ترخيص رسمي ضروري لمزاولة أي أنشطة تجارية متعلقة بالعملات المشفرة.

التراخيص الخاصة بالعملات المشفرة متاحة فقط في المناطق الاقتصادية الخاصة مثل "مركز دبي المالي العالمي" و"سوق أبوظبي العالمي".

وقال المستشار القانوني عبد الرحمن النبهان:"نشهد عددًا متزايدًا من القضايا أمام المحاكم، حيث يرفع المستثمرون دعاوى قضائية بعد تعرضهم لخسائر مالية، وفي حال كان العقد مبرمًا خارج المناطق المصرح بها، يتم إعلان المعاملات باطلة، وتتم إعادة رأس المال إلى المستثمرين."

كما زعم أنصار العملات المشفرة أن العالم الإسلامي "يفتقد" ثورة البيتكوين.وقال أريش إحسان، المحلل المالي والمستشار الشرعي والمتخصص في مكافحة غسيل الأموال، إن الحكومات في مختلف أنحاء العالم تبدي اهتماما متزايدا بعملة البيتكوين. 

وأضاف: "هذا يقودني إلى الحجة الأكثر انتشارا لصالح عملة البيتكوين ــ وهي أنها خارج سيطرة أي حكومة، على النقيض تماما من العملة الورقية".وأضاف أنه في نهاية المطاف، إذا بقيت المنظمة على حالها، فسوف يكون لكل حكومة سيطرة عليها، بدرجات متفاوتة.

وفي معرض رده على التعليقات التي تفيد بأن عملة البيتكوين أكثر حلالاً من النقود الورقية التي لا يتم إنشاؤها إلا عند إصدار قرض جديد وبالتالي فهي مشبعة بالربا ــ وهو تبادل مالي محرم إسلامياً ــ قال: "إن العواقب السلبية المترتبة على عملية مصرفية معيبة لا علاقة لها بأي عملة محددة أو عملة متصورة. وسوف يكون لها تأثير على الاقتصاد ككل وتؤثر على جميع العملات القابلة للتبادل، في هذا الصدد".

على الرغم من وجود العديد من الأشخاص الذين حققوا مبالغ كبيرة من المال أثناء التداول في العملات المشفرة، إلا أن العديد منهم خسروا أيضًا.قبل استثمار مدخراتهم في البيتكوين، يجب على الناس "معرفة الجانب الآخر من العملة لاتخاذ خيارات مستنيرة بدلاً من التركيز على FOMO (الخوف من تفويت الفرصة)".

قضايا قانونية بارزة حول العملات المشفرة في الإمارات

🚨 القضية الأولى: خسائر في تطبيق تداول متخصص بالألعاب

في إحدى القضايا الحديثة، استثمر بعض الأفراد في تطبيق تداول متخصص في العملات الرقمية الخاصة بالألعاب الإلكترونية، ولكن بعد أن فشل مطورو اللعبة في تقديم المشاريع الموعودة، خسر المستثمرون جميع أموالهم ولجأوا إلى المحاكم لاستعادة حقوقهم.

🚨 القضية الثانية: شركة استثمارية توقع عقودًا غير قانونية

في قضية أخرى، قامت شركة استثمارية أوروبية بفتح مكتب تمثيلي في أبراج بحيرات جميرا، حيث وقعت عقد استثمار بقيمة 200 مليون درهم مع عميل من مدينة العين. في البداية، أظهر الاستثمار نتائج إيجابية، ولكن لاحقًا بدأت الخسائر تتزايد، مما دفع المستثمر إلى رفع دعوى قضائية. وبعد مراجعة المحكمة، تم إثبات أن المكتب التمثيلي لم يكن مرخصًا له بممارسة أي أنشطة استثمارية خارج نطاق منطقته المرخصة، وبالتالي تم إعلان العقد باطلاً وإعادة رأس المال للمستثمر.

هل ينبغي عليك الاستثمار في العملات المشفرة في الإمارات؟

إذا كنت تفكر في الاستثمار في العملات المشفرة داخل الإمارات، فمن الضروري أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر القانونية والشرعية. إليك بعض النصائح المهمة:

✔️ تحقق دائمًا من التراخيص الرسمية لأي منصة تداول قبل الاستثمار.

✔️ لا تنجرف وراء الإعلانات المغرية التي تعدك بالثراء السريع.

✔️ استشر خبيرًا قانونيًا قبل الدخول في أي استثمارات ضخمة بالعملات الرقمية.

✔️ احذر من التعامل مع منصات غير مرخصة تعمل خارج المناطق الاقتصادية المعتمدة في الإمارات.


العملات المشفرة في الإمارات لا تزال في منطقة رمادية من الناحيتين الشرعية والقانونية. فعلى الرغم من عدم تحريمها بشكل قاطع من قبل مجلس الإفتاء الإماراتي، إلا أنه لا ينصح بها حاليًا بسبب مخاطرها العالية وطبيعتها المضاربية

.من الناحية القانونية، فإن الاستثمار في العملات المشفرة ليس محظورًا تمامًا، ولكنه يخضع لضوابط مشددة، خاصة فيما يتعلق بالحصول على التراخيص اللازمة وممارسة النشاط داخل المناطق الاقتصادية المصرح بها.

📌 إذا كنت تفكر في دخول عالم العملات المشفرة، فاحرص على دراسة المخاطر جيدًا، والتأكد من التزامك بالقوانين، واستشارة خبير قانوني لضمان حماية أموالك واستثماراتك.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.